سيتي غروب تعدّل توقعاتها للعملات المشفّرة: تفوّق لإيثيريوم مع تراجع طفيف في النظرة تجاه بيتكوين
حدثت سيتي غروب مراجعة لتوقعاتها لنهاية العام بشأن العملات المشفّرة، كاشفةً عن تباين طفيف لكنه لافت بين أكبر أصلين رقميين. رفعت البنك هدفها لسعر إيثيريوم (إيثر) إلى 4500 دولار (من 4300 دولار)، فيما خفضت توقعها لبيتكوين قليلاً إلى 133,000 دولار (من 135,000 دولار). تعكس هذه الخطوة تغيّر الديناميكيات داخل سوق الكريبتو، حيث تؤثر العوامل المؤسسية والظروف الاقتصادية الكلية على الأصول بطرق مختلفة.
إيثيريوم في دائرة الضوء
يعكس تعديل التوقعات صعوداً لإيثيريوم تزايد الثقة في دورها المتوسع داخل النظام المالي. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تدفقات قوية إلى الصناديق المتداولة المرتبطة بإيثيريوم (ETFs)، إلى جانب زيادة اعتمادها في موازنات الخزائن لدى الشركات.
تستمد إيثيريوم جاذبيتها من تعدد استخداماتها — من التمويل اللامركزي (DeFi)، إلى مشاريع التوكنات، والعقود الذكية — ما يواصل جذب الاهتمام المؤسسي. وبالنسبة للمستثمرين، فإن هذه القاعدة المتنامية من الاستخدامات تميز إيثر عن بيتكوين، التي يواجه دورها كـ"مخزن للقيمة" منافسة أكبر من الذهب والسندات الحكومية.
بيتكوين: قوة مستمرة لكن مع رياح معاكسة
أما التخفيض الطفيف في توقعات بيتكوين فلا يعني تشاؤماً، بل حذراً. تشير سيتي غروب إلى رياح معاكسة من قوة الدولار الأميركي وضعف الطلب على الذهب، وهما عاملان يقللان عادة من قدرة بيتكوين على الصعود.
في الوقت ذاته، تواصل بيتكوين احتلال الحصة الأكبر في سوق العملات المشفّرة، مدعومةً بانتشار اسمها واعتمادها المؤسسي عبر الصناديق الفورية المتداولة. لكن رواية "الذهب الرقمي" تواجه مزيداً من التدقيق مع تساؤل المستثمرين عمّا إذا كان بإمكان بيتكوين التفوق باستمرار على أدوات التحوّط التقليدية في بيئة نقدية مضطربة.
ما الذي يقود هذا التباين؟
تستند تعديلات توقعات سيتي غروب إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
التدفقات المؤسسية: إيثيريوم تستفيد بشكل أوضح من إطلاق الصناديق المتداولة واعتماد الشركات.
الظرف الاقتصادي الكلي: قوة الدولار وتقلّبات أسعار الذهب تقلل من مساحة الصعود أمام بيتكوين.
تجزئة المستثمرين: تزايد الاعتراف بأن الأصول الكبرى تؤدي أدواراً مختلفة — بيتكوين كمخزن للقيمة، وإيثيريوم كبنية تحتية للابتكار الرقمي.
مخاطر قد تغيّر التوقعات
كلا التوقعين يظل مشروطاً بعدة عوامل، منها:
التطورات التنظيمية: أي أحكام سلبية من هيئة الأوراق المالية الأميركية (SEC) أو منظمين أوروبيين قد تعرقل تدفقات الصناديق.
الصدمات الاقتصادية: ارتفاع حاد في العوائد الأميركية أو انعكاس في شهية المخاطرة قد يضر بسوق الكريبتو ككل.
تدوير السوق: قد يؤدي تباين التوقعات إلى زيادة التقلّبات مع تنقّل المتداولين بين بيتكوين وإيثيريوم.
التداعيات على أصحاب المصلحة
للمستثمرين: قد تميل التخصيصات الاستثمارية أكثر نحو إيثيريوم في المدى القريب، خصوصاً بين الصناديق الباحثة عن أصول مدفوعة بالمنفعة.
للشركات: شركات البنية التحتية للعملات المشفّرة — من الحفظ إلى التداول — يجب أن تستعد لارتفاع في أحجام التعاملات وزيادة الطلب على خدمات مبنية على إيثيريوم.
للجمهور: تؤكد هذه التحولات أن سوق الكريبتو ليست وحدة واحدة. لكل أصل دور مختلف، ويجب أن تتكيف التوقعات وفقاً لذلك.
ما الذي يجب مراقبته؟
تدفقات الصناديق (ETF): ستكشف التقارير الأسبوعية عن الاشتراكات في صناديق إيثيريوم مقابل بيتكوين شهية المؤسسات في الوقت الفعلي.
البيانات على السلسلة (On-Chain): تتبع عمليات السحب من المنصات، وتراكم "الحيتان"، ونشاط DeFi سيساعد على التحقق من انسجام التوقعات مع السلوك الفعلي.
المؤشرات الاقتصادية الكلية: قوة الدولار وعوائد السندات ستظل من المحركات الخارجية الحاسمة لمسار الكريبتو.
الخلاصة
التوقعات المعدلة من سيتي غروب تبرز تحوّلاً في ميزان القوى داخل عالم الأصول الرقمية. فإيثيريوم تكتسب ميزة من خلال توسع استخدامها وجاذبيتها المؤسسية، فيما تبقى بيتكوين قوية لكنها تواجه تحديات. والدرس للمستثمرين واضح: الكريبتو لم تعد قصة واحدة، بل منظومة متعددة الأدوار، وفهم الفروق بين الأصول الكبرى سيكون مفتاحاً للتنقل في المرحلة المقبلة من التمويل الرقمي.