الذهب يواصل التحليق قرب أعلى مستوياته منذ سنوات وسط شهية مخاطرة حذرة
الذهب يواصل التحليق قرب أعلى مستوياته منذ سنوات وسط شهية مخاطرة حذرة
يستمر الذهب في ترسيخ موقعه كأحد أهم الملاذات الآمنة في العالم، متداولاً بالقرب من أعلى مستوياته التاريخية، في مشهد يعكس حالة القلق التي يعيشها المستثمرون حول العالم في ظل الضبابية التي تخيّم على الاقتصاد العالمي. ورغم غياب التحركات الدراماتيكية في الأسعار مؤخراً، فإن الاتجاه العام يشير إلى قوة دافعة واضحة تُبقي الذهب في منطقة مرتفعة، دون أن يتجه فعلياً إلى تصحيح هابط واسع.
خلفية المشهد: لماذا يتمسّك الذهب بمستوياته القياسية؟
لفهم قوة الذهب الحالية، يجب النظر إلى عدة عوامل تلتقي في لحظة واحدة لتدعم المعدن الأصفر، سواء على مستوى الطلب الحقيقي أو النفسي:
1) التوتر العالمي المستمر… الأزمة الصامتة
رغم عدم وجود أزمة مالية عالمية معلنة، فإن المؤشرات العميقة للاقتصاد العالمي تشير إلى حالة "قلق بنيوي":
تباطؤ في توقعات النمو بالاقتصادات الكبرى
استمرار المخاوف من تباطؤ التجارة العالمية
ارتفاع تكلفة الاقتراض نتيجة السياسات النقدية المشددة
التوترات الجيوسياسية الممتدة
هذه البيئة تولّد شهية واضحة للبحث عن أصول محمية من الصدمات، والذهب يأتي في مقدمتها.
2) التضخم… بين تراجع الأرقام وزيادة المخاوف المستقبلية
صحيح أن التضخم بدأ يتراجع في عدة دول، لكن القصة لم تنتهِ بعد:
الكثير من البنوك المركزية تعترف بأن التضخم قد يعود للارتفاع مع أي اضطراب في الطاقة أو الغذاء.
ارتفاع الأجور في بعض الاقتصادات يثير مخاوف "دوامة التضخم".
أسعار السلع لم تستقر بشكل كامل.
وهكذا، يبقى الذهب أداة تحوّط طبيعية لمن يريد حماية قوته الشرائية على المدى الطويل.
3) الذهب مقابل السندات: معركة العائد مقابل الأمان
رغم أن السندات تقدم عوائد مغرية، فإن المستثمرين يقفون عند مفترق طرق:
هل يُفضلون عائداً مضموناً لكنه معرض للتقلبات؟
أم أماناً مرتفعاً دون عائد فعلي؟
هذا التوازن هو ما يبقي الذهب جذاباً حتى عندما ترتفع عوائد السندات.
الضغوط المحتملة: أين يمكن أن يتغير الاتجاه؟
على الرغم من الصمود القوي، إلا أن هناك عوامل قد تشكّل تهديداً لصعود الذهب إذا تحرّكت بقوة:
1) ارتفاع العوائد الحقيقية
كلما ارتفع العائد الحقيقي للسندات الأميركية، كلما تضاءلت جاذبية الذهب، لأنه لا يقدم عائداً مباشراً.