تراجع في وول ستريت: المستثمرون يعيدون التركيز على مؤشرات النمو بعد اهتزاز أسهم الذكاء الاصطناعي
تراجع في وول ستريت: المستثمرون يعيدون التركيز على مؤشرات النمو بعد اهتزاز أسهم الذكاء الاصطناعي
شهدت أسواق الأسهم الأمريكية فترة من التقلبات خلال الأسبوعين الماضيين، إذ تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) بنحو 2.4٪ خلال ثماني جلسات متتالية، في ما وصفه المحللون بأنه "استراحة بعد الصعود الكبير" الذي دفع المؤشرات إلى مستويات قياسية تاريخية في الأشهر الأخيرة.
إن موجة التراجع جاءت نتيجة قلق المستثمرين من تباطؤ زخم النمو الاقتصادي الأمريكي إلى جانب الارتفاع المبالغ فيه في تقييمات شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي التي كانت المحرك الرئيسي للمكاسب السابقة.
ورغم أن الانخفاض أثار بعض الحذر، فإن أوساط السوق ترى أن التصحيح الحالي يمثل وقفة صحية ضمن مسار صاعد طويل الأمد، وليس بداية تراجع هيكلي.
اهتزاز أسهم الذكاء الاصطناعي يربك وول ستريت
منذ بداية عام 2025، قادت شركات الذكاء الاصطناعي موجة صعود مذهلة دفعت بمؤشر ناسداك إلى مستويات غير مسبوقة. لكن في الأسابيع الأخيرة، بدأت علامات الإرهاق تظهر، مع قيام المستثمرين بجني الأرباح من الأسهم التي حققت مكاسب استثنائية مثل شركات الرقائق الإلكترونية والحوسبة السحابية.
وتراجع الطلب على بعض أسهم التكنولوجيا العملاقة بعد تصريحات من شركات رئيسية تشير إلى تباطؤ في وتيرة الطلب على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي مقارنة بالتوقعات المفرطة في النصف الأول من العام.
وفي الوقت نفسه، تأثرت المعنويات سلبًا بسبب تزايد الشكوك حول متانة النمو الأمريكي، خاصة مع تراجع مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي وضعف بعض بيانات قطاع التصنيع.
مخاوف المستثمرين: النمو والسياسات والإنفاق
أبرز المخاوف التي دفعت المستثمرين إلى التريث تمثلت في ثلاثة عوامل أساسية:
تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي:
مع ظهور إشارات على تباطؤ سوق العمل واستقرار الأجور، يخشى المستثمرون من أن يكون الاقتصاد الأمريكي في مرحلة تهدئة بعد فترة توسع قوية.
ارتفاع تقييمات قطاع التكنولوجيا:
بلغت مضاعفات الربحية لشركات الذكاء الاصطناعي مستويات مرتفعة تاريخيًا، ما يجعلها عرضة لتصحيحات عنيفة إذا خابت التوقعات المستقبلية.
عدم وضوح توجهات السياسة النقدية:
مع استمرار الجدل داخل الاحتياطي الفيدرالي حول توقيت خفض أسعار الفائدة، يترقب السوق أي مؤشرات جديدة في البيانات الاقتصادية المقبلة لتحديد المسار المحتمل.
تحول في الاستراتيجيات: من النمو إلى الجودة
في ظل هذه الأجواء، بدأ المستثمرون يعيدون توجيه محافظهم نحو الأسهم ذات الأرباح المستقرة والميزانيات القوية. فبعد فترة طويلة من التفاؤل المفرط بأسهم التكنولوجيا، عاد الاهتمام إلى القطاعات الدفاعية مثل الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية والبنوك ذات التوزيعات المنتظمة.
ويشير محللو السوق إلى أن هذه التحركات ليست انسحابًا من قطاع التكنولوجيا بالكامل، بل إعادة توازن تعكس رغبة المستثمرين في تقليص المخاطر قصيرة الأجل، مع الاحتفاظ بالتعرض طويل الأمد لشركات تمتلك ميزات تنافسية حقيقية في مجال الذكاء الاصطناعي والبنية التكنولوجية.