البنك المركزي الأوروبي يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير: رسالة استقرار وسط مؤشرات تضخم منخفضة
البنك المركزي الأوروبي يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير: رسالة استقرار وسط مؤشرات تضخم منخفضة
في اجتماع أكتوبر، قرر البنك المركزي الأوروبي (ECB) الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، مؤكدًا أن السياسة النقدية الحالية في "مكان جيد" بعد سلسلة من الزيادات السابقة التي هدفت إلى كبح التضخم. هذا القرار، الذي جاء متوافقًا مع توقعات الأسواق، عكس ثقة حذرة من قبل صانعي القرار في قدرة المنطقة على الحفاظ على الاستقرار رغم تباطؤ النمو وتراجع مؤشرات الأسعار.
إشارات على استقرار بعد مرحلة تشديد
بعد أكثر من عامين من رفع الفائدة المتواصل، يعتقد البنك أن الاقتصاد الأوروبي بدأ يوازن بين النمو والتضخم. فقد تراجع معدل التضخم العام في منطقة اليورو إلى مستويات قريبة من 2%، وهو المستوى المستهدف من قبل البنك، بينما أظهرت بعض الاقتصادات الكبرى – مثل فرنسا – تباطؤًا واضحًا في مؤشرات الأسعار المحلية.
ورغم أن النشاط الصناعي ما زال ضعيفًا في ألمانيا وإيطاليا، إلا أن البيانات الأخيرة أشارت إلى تحسن طفيف في ثقة المستهلك والشركات، مما شجّع البنك المركزي على التمسك بموقفه الحالي دون تعديل. وأوضح المسؤولون أن الهدف الآن هو مراقبة تأثير السياسة النقدية السابقة قبل اتخاذ أي خطوات جديدة.
محركات القرار: طاقة أرخص وتفاوت اقتصادي بين الدول
من العوامل الرئيسية وراء قرار التثبيت، تراجع أسعار الطاقة بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة بفضل استقرار إمدادات الغاز واعتدال الطلب في الشتاء الماضي. هذا الانخفاض خفّف الضغوط التضخمية على الأسر والشركات، مما سمح للبنك بإبطاء وتيرة التشديد.
إلى جانب ذلك، فإن تباين الأداء الاقتصادي بين دول الاتحاد الأوروبي جعل من الصعب تبني سياسة أكثر تشددًا أو مرونة على مستوى موحّد. فبينما تُظهر فرنسا وإسبانيا إشارات انتعاش، ما تزال ألمانيا – أكبر اقتصاد في القارة – تعاني من ضعف في قطاع التصنيع والصادرات. وبالتالي، يرى البنك أن التوازن الحالي في السياسة النقدية هو الخيار الأنسب لتجنّب اختلالات جديدة.
التحديات المستمرة: تضخم منخفض وأجور مرتفعة
على الرغم من مؤشرات الهدوء، يواجه البنك المركزي الأوروبي تحديًا مزدوجًا في المرحلة القادمة: من جهة، هناك خطر من انخفاض التضخم دون المستوى المستهدف خلال السنوات المقبلة (2026–2028)، ما قد يخلق حالة "انكماش سعري" تؤثر سلبًا على النمو. ومن جهة أخرى، لا تزال الأجور في بعض القطاعات مرتفعة نسبيًا، مما قد يعيق انخفاض الأسعار بشكل مستدام.
كما أن الإنفاق الحكومي المتفاوت بين الدول الأعضاء يزيد من صعوبة تنسيق السياسة المالية مع النقدية. ففي حين تواصل بعض الدول دعم الإنفاق العام لتحفيز النمو، تتجه أخرى نحو التقشف للسيطرة على العجز، ما يخلق بيئة اقتصادية مجزأة تحدّ من فعالية القرارات الموحدة للبنك.