لماذا قد يضطر الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة رغم استمرار ارتفاع التضخم
لماذا قد يضطر الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة رغم استمرار ارتفاع التضخم
ما الذي يحدث؟
البنك الفيدرالي الأمريكي (المعروف اختصارًا بـ "الفيدرالي") يواجه معضلة صعبة: التضخم لا يزال أعلى من الهدف المعلن عند 2%، وفي الوقت نفسه تظهر مؤشرات واضحة على تباطؤ سوق العمل. هذا التناقض قد يدفع الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة قريبًا، رغم أن ذلك يبدو للوهلة الأولى خطوة غير منطقية في ظل استمرار صعود الأسعار.
التضخم: ماذا يعني لك؟
ما هو التضخم؟
التضخم هو معدل ارتفاع الأسعار العامة للسلع والخدمات، وما يقابله من تراجع في القوة الشرائية للنقود.
كيف يؤثر على حياتك اليومية؟
- ارتفاع أسعار المواد الغذائية، الإيجارات، الوقود، والطاقة يضغط مباشرة على ميزانيات الأسر.
- المتقاعدون أو من يتقاضون دخولًا ثابتة يتأثرون أكثر لأن دخولهم لا ترتفع بنفس سرعة الأسعار.
- حتى المدخرات تفقد قيمتها إذا لم تتماشى الفوائد أو العوائد مع معدل التضخم.
الاتجاهات الأخيرة:
في أغسطس 2025 ارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية بنسبة 2.9% على أساس سنوي، بعد أن كان 2.7% في يوليو. أما التضخم الأساسي (الذي يستثني الغذاء والطاقة) فما زال فوق 3%.
سوق العمل: علامات التباطؤ
على الجانب الآخر، تتزايد المؤشرات على أن سوق العمل الأمريكي يفقد زخمه بشكل أسرع من المتوقع.
مظاهر التباطؤ:
- في أغسطس 2025، أُضيف فقط 22 ألف وظيفة جديدة، وهو رقم بعيد جدًا عن التوقعات التي دارت حول 75 ألفًا.
- معدل البطالة ارتفع إلى 4.3%، وهو الأعلى منذ أكثر من عام.
- طلبات إعانات البطالة الأسبوعية وصلت إلى حوالي 263 ألفًا، وهو أعلى مستوى منذ نحو أربع سنوات.
- كما تم تعديل بيانات سابقة لتُظهر أن النمو الوظيفي منذ بداية العام كان أقل بنحو 911 ألف وظيفة مما اعتُقد سابقًا.
لماذا يهم ذلك؟
ضعف نمو الوظائف يعني أن دخول الأسر قد تتراجع أو تصبح غير مستقرة. هذا يدفع الناس إلى تقليص الإنفاق، خاصة على المشتريات الكبيرة. الشركات بدورها قد تتردد في التوظيف أو الاستثمار. النتيجة: ثقة أقل واقتصاد مهدد بالركود.
معضلة الفيدرالي
للفيدرالي "تفويض مزدوج":
- تحقيق استقرار الأسعار (أي إبقاء التضخم منخفضًا ومتوقعًا).
- دعم أقصى قدر ممكن من التوظيف.
لكن عندما يكون التضخم مرتفعًا وسوق العمل يضعف، يصبح الهدفان في صراع مباشر. والسؤال يصبح: أي المخاطر أسوأ — السماح للتضخم بالبقاء مرتفعًا أم المخاطرة بزيادة البطالة ودخول الاقتصاد في ركود؟
مخاطر الخفض المبكر للفائدة: قد يؤدي إلى اشتداد التضخم من جديد. توقع الناس لارتفاع الأسعار قد يدفعهم للمطالبة برفع الأجور، والشركات ترفع الأسعار بدورها، فيدور الاقتصاد في حلقة تضخمية جديدة.
مخاطر التشدد المفرط: إذا أصر الفيدرالي على إبقاء الفائدة مرتفعة فترة طويلة، فقد يتدهور الاقتصاد بسرعة أكبر، وترتفع البطالة بشكل مؤلم، وينكمش الاستثمار.
ماذا يتوقع المحللون والأسواق؟
تشير البيانات الأخيرة وسلوك الأسواق إلى أن الفيدرالي قد يميل بالفعل إلى خفض الفائدة:
- بعد بيانات الوظائف الضعيفة في أغسطس، أصبح بعض البنوك الكبرى يتوقع خفضًا للفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية خلال سبتمبر.
- العقود المستقبلية في الأسواق تعكس احتمالية مرتفعة لخفض الفائدة في المدى القريب.
- مع ذلك، يحذر اقتصاديون من أن التضخم ما زال "عنيدًا"، خصوصًا في قطاع الخدمات حيث ضغوط الأجور قوية.
الخلاصة: لماذا قد يُجبر الفيدرالي على الخفض؟
أسباب محتملة لخفض الفائدة رغم التضخم:
- ضعف سوق العمل بات واضحًا، والبطالة تتزايد بشكل يثير القلق الاقتصادي والسياسي.
- إشارات إلى أن التضخم بلغ ذروته أو على الأقل لم يعد من السهل كبحه بمزيد من التشديد.
- خطر الركود يلوح في الأفق، والتباطؤ الكبير قد يسبب أضرارًا أكبر من استمرار التضخم المرتفع قليلًا.
- توقعات الأسواق أصبحت مهيأة لخفض الفائدة، وأي تأخير قد يسبب صدمة وفقدان ثقة.
- الظروف الخارجية مثل الرسوم الجمركية أو الاضطرابات العالمية قد تزيد الضغط على الاقتصاد، ما يجعل التيسير ضرورة.
ما الذي يجب متابعته؟
- تقارير التضخم القادمة (وخاصة التضخم الأساسي).
- اتجاهات نمو الأجور في قطاع الخدمات.
- معدل البطالة وطلبات إعانات البطالة.
- تصريحات مسؤولي الفيدرالي في الاجتماعات والندوات.
آخر المستجدات (سبتمبر 2025)
- التضخم السنوي ارتفع إلى 2.9% في أغسطس بعد 2.7% في يوليو.
- سوق العمل أضاف فقط 22 ألف وظيفة في أغسطس.
- معدل البطالة ارتفع إلى 4.3% وطلبات إعانات البطالة وصلت إلى 263 ألفًا.
كلمة أخيرة
رغم أن ارتفاع التضخم عادةً ما يدفع الفيدرالي لرفع الفائدة، إلا أن ضعف سوق العمل يضعه أمام خيار صعب: إما المخاطرة بزيادة الركود والبطالة أو خفض الفائدة للتخفيف من وطأة التباطؤ. في كل الأحوال، المواطنون سيظلون يتعاملون مع ضغوط الأسعار، حتى لو حصلوا على بعض الراحة من تراجع تكاليف الاقتراض مثل القروض العقارية وقروض السيارات.
الفترة المقبلة ستكشف إن كان الفيدرالي سيتحرك سريعًا نحو الخفض أم سيغامر بالانتظار، لكن المؤكد أن كل تقرير جديد عن التضخم والوظائف سيكون بمثابة إشارة حاسمة على اتجاه الاقتصاد الأمريكي.