هبوط حاد للجنيه الإسترليني مع تراجع التضخم في المملكة المتحدة: انفراجة أم إشارة إنذار للاقتصاد؟

ومضة الاقتصادي

هبوط حاد للجنيه الإسترليني مع تراجع التضخم في المملكة المتحدة: انفراجة أم إشارة إنذار للاقتصاد؟

تعرّض الجنيه الإسترليني لهزة واضحة هذا الأسبوع بعد صدور بيانات جديدة أظهرت تراجع التضخم في المملكة المتحدة بوتيرة أسرع من المتوقع. ورغم أن انخفاض التضخم يُعد عادةً خبراً ساراً للأسر التي عانت طويلاً من ارتفاع تكاليف المعيشة، فإن رد فعل الأسواق جاء مقلقاً. فقد انخفض الجنيه بنحو 0.7% أمام كل من الدولار الأميركي واليورو، مع تسارع المستثمرين إلى تسعير احتمالات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا في وقت أقرب مما كان متوقعاً.

للوهلة الأولى، تبدو الأرقام مشجعة. فقد انخفض التضخم في المملكة المتحدة إلى 3.2% في نوفمبر، مقارنة بـ 3.6% في الشهر السابق، مسجلاً أدنى مستوى له منذ مارس. ويضع ذلك وتيرة ارتفاع الأسعار بعيداً عن ذروتها المؤلمة في العام الماضي، وأقرب إلى هدف بنك إنجلترا البالغ 2%. وبالنسبة للمستهلكين، يشير ذلك إلى بعض الانفراج في الضغوط المرتبطة بأسعار الغذاء والطاقة والسلع الأساسية اليومية. أما بالنسبة لصناع السياسات، فإن الصورة أكثر تعقيداً.

لماذا كان رد فعل الأسواق حاداً؟

تميل الأسواق المالية إلى النظر إلى المستقبل أكثر من الماضي، وفي هذه الحالة فسّر المستثمرون البيانات على أنها إشارة إلى أن الاقتصاد البريطاني قد يفقد زخمه. فالتضخم لم ينخفض فحسب، بل جاء الانخفاض أكبر من توقعات الاقتصاديين. وكان لهذا المفاجأة وزنها. إذ إن تراجع الضغوط السعرية بشكل أسرع من المتوقع غالباً ما يعكس ضعفاً في الطلب الكامن.

ويضاف إلى ذلك السياق الاقتصادي العام. فقد بدأت وتيرة نمو الأجور في التباطؤ، في حين ارتفعت معدلات البطالة بشكل طفيف. ومعاً، تعزز هذه العوامل ما يُعرف بالموقف «الحمائمي»، أي التوقع بأن بنك إنجلترا سيضطر إلى تيسير السياسة النقدية لتجنب انزلاق الاقتصاد نحو تباطؤ أعمق. ومع ترسخ توقعات خفض الفائدة، تراجع الجنيه الإسترليني، في انعكاس لانخفاض العوائد المتوقعة على الأصول البريطانية مقارنة بنظيراتها.

وتُعد أسواق العملات شديدة الحساسية لفروق أسعار الفائدة. فإذا اعتقد المستثمرون أن أسعار الفائدة في المملكة المتحدة ستنخفض بوتيرة أسرع أو في وقت أقرب من نظيراتها في الولايات المتحدة أو منطقة اليورو، فإن الجنيه يصبح أقل جاذبية بطبيعة الحال. ويُفسر هذا الديناميكية سبب البيع السريع للعملة عقب صدور بيانات التضخم.

سيف ذو حدين أمام بنك إنجلترا

يمثل تراجع التضخم لبنك إنجلترا مزيجاً من الارتياح والتحدي. فبعد واحدة من أكثر دورات التشديد النقدي حدة خلال عقود، يستطيع صناع السياسات الإشارة إلى تقدم ملموس في السيطرة على الأسعار. لكن الخطر يكمن في أن يكون هذا التراجع ناتجاً عن ضعف اقتصادي، لا عن استقرار صحي ومستدام.

تم نسخ الرابط