إشارة بنك اليابان المتشددة تهز الأسواق العالمية: العوائد ترتفع وتجارة الفارق تنقلب
إشارة بنك اليابان المتشددة تهز الأسواق العالمية: العوائد ترتفع وتجارة الفارق تنقلب
أحدثت تصريحات حاكم بنك اليابان الأخيرة موجة من الاهتزاز في الأسواق المالية العالمية. فقد أشار إلى احتمال رفع أسعار الفائدة في اجتماع البنك المقرر في 19 ديسمبر، وهو ما أدى فورًا إلى ارتفاع عوائد السندات اليابانية لأجل سنتين فوق 1% وعوائد سندات العشر سنوات إلى نحو 1.88%. هذا التحرك لم يؤثر على اليابان وحدها، بل ارتدت موجته عبر الأسواق الأميركية والأوروبية والآسيوية.
المفاجأة: الأسواق كانت تعوّل على بقاء بنك اليابان في سياسة نقدية فائقة التيسير منذ سنوات طويلة، لكن الإشارة الأخيرة قلبت تلك التوقعات رأسًا على عقب.
لماذا أثارت تصريحات بنك اليابان كل هذا القلق؟
الأسواق العالمية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسياسة البنك المركزي الياباني، لعدة أسباب:
ضغط التضخم المحلي: ارتفاع أسعار المستهلكين في اليابان يزيد الضغوط على البنك لاتخاذ خطوات للتوازن بين النمو والسيطرة على التضخم.
ضعف الين: استمرار انخفاض قيمة الين يجعل المستوردين يعانون من ارتفاع التكاليف، ويزيد الرغبة في تقليص التيسير النقدي.
ضرورة عودة السياسة الطبيعية: بعد سنوات من أسعار الفائدة شبه الصفرية، يسعى البنك لإعادة السياسة النقدية إلى مستويات أكثر استدامة، دون إحداث صدمة للأسواق.
هذه العوامل دفعت المستثمرين إلى إعادة تسعير توقعاتهم حول العوائد، ليس فقط في اليابان، بل في جميع الأسواق المرتبطة بالين أو المتأثرة بتدفقات رأس المال اليابانية.
ارتفاع العوائد وانعكاس تجارة الفارق (Carry Trades)
أحد أبرز التأثيرات العالمية كان ارتفاع العوائد على السندات الحكومية. فارتفاع العائد على سندات اليابان دفع المستثمرين إلى إغلاق صفقات "تجارة الفارق"، وهي استراتيجية مالية تعتمد على اقتراض العملة منخفضة الفائدة (مثل الين الياباني) واستثمارها في أصول ذات عوائد أعلى.
عندما ارتفعت أسعار الفائدة في اليابان، تكلفة الاقتراض بالين ارتفعت، ما جعل استراتيجيات Carry Trade أقل ربحية أو حتى خسارة. ونتيجة لذلك:
شهدت الأسواق العالمية سحبًا سريعًا للسيولة من بعض الأسواق الناشئة والآسيوية.
ارتفعت تقلبات العملات، خصوصًا أزواج الدولار/ين واليورو/ين.
تأثرت أسواق الأسهم، لا سيما الشركات التي تعتمد على تمويل بالين أو الأسواق الخارجية.
بعبارة بسيطة، تحرك بنك اليابان أدى إلى موجة عالمية من التعديلات المالية السريعة.
مخاطر إضافية من ارتفاع العوائد
ارتفاع العوائد لا يقتصر تأثيره على المستثمرين الأفراد، بل يمتد ليشمل:
تكلفة الاقتراض للشركات: خاصة تلك التي تعتمد على التمويل بالدولار أو الين، مما قد يضغط على أرباحها واستثماراتها.
تكلفة التمويل الحكومي: ارتفاع العوائد يزيد أعباء الدين العام، خصوصًا في الأسواق ذات الديون الكبيرة.
تباطؤ الاستثمار العالمي: شركات عالمية قد تؤجل مشاريع رأسمالية كبيرة لتجنب تكلفة تمويل أعلى.