الأسواق تستعد لتثبّت التضخم رغم آمال خفض الفائدة : الضغوط الأساسية تبقي التقييمات متحفظة

ومضة الاقتصادي

الأسواق تستعد لتثبّت التضخم رغم آمال خفض الفائدة : الضغوط الأساسية تبقي التقييمات متحفظة

بينما يبدي كثير من المستثمرين والأوساط الاقتصادية تفاؤلاً حذرًا بشأن تراجع التضخم العام في بعض المناطق، تبقى حقيقة أساسية واحدة تُثير القلق: التضخم الأساسي لا يزال ثابتًا ولا يستجيب بسرعة للتراجع في أسعار السلع. هذا الثبات يغيّر من قواعد اللعبة بالنسبة إلى صانعي السياسات والمستثمرين والشركات على حد سواء، ويجعل الأسواق تتبنى موقفًا أكثر تحفظًا تجاه تراجعات محتملة في أسعار الفائدة أو ارتفاعات جديدة في المخاطر.

ما الفرق بين التضخم العام والتضخم الأساسي؟ ولماذا يهم؟

التضخم العام يقيس التغير في أسعار سلة واسعة من السلع والخدمات، ويتأثر كثيرًا بتقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية. أما التضخم الأساسي فيستثني العناصر الأكثر تقلبًا ويعكس الضغوط التي تنبع من الاقتصاد الأساسي: الأجور، تكاليف الإيجار، أسعار الخدمات، وسلوك الشركات في تمرير التكاليف إلى المستهلك.

أهمية التضخم الأساسي تكمن في كونه مرآة للضغوط المستديمة التي يصعب معالجتها بسرعة عبر سياسات نقدية مؤقتة. عندما يظل التضخم الأساسي مرتفعًا، يتردد صانعو السياسة النقدية في إعلان خفض الفائدة، خشية من إطالة أمد التضخم.

لماذا تقلق الأسواق الآن؟

الأسواق كانت تترقب إشارات تُنبئ بوجود مساحة أمام البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة وتحفيز الأسواق المالية. ومع ذلك، استمرار الضغوط الأساسية يولد رفضًا ضمنيًا لهذه الفكرة لأن:

الأجور تتزايد في قطاعات عديدة، وهو ما يدعم الإنفاق ويحد من فرصة تراجع الأسعار على مدى متوسط.

أسعار السلع والخدمات غير القابلة للاستبدال مثل الإيجارات والرعاية الصحية تميل إلى الصعود بوتيرة أبطأ في الانخفاض.

سلاسل التوريد قد لا تعود سريعًا إلى وضعها الطبيعي، ما يترك بعض الضغوط مستمرة على تكاليف التصنيع والخدمات.

نتيجة لذلك، حتى لو هبطت تضخمات السلع الأساسية، فإن الأسواق تقيّم احتمالية بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعًا سابقًا، وهذا يضغط على تقييمات الأسهم ويجعل المستثمرين يُعيدون التفكير في مراكزهم.

تداعيات على القطاعات والأسواق

ثبات التضخم الأساسي يؤثر بطرق ملموسة:

الأسهم: تزداد حساسية أسهم النمو، لأن ارتفاع الفائدة يخفض القيمة الحاضرة للتدفقات المتوقعة. على النقيض، قد تستفيد القطاعات التقليدية ذات العوائد الثابتة أو المرتفعة نسبيًا.

السندات: يمكن أن تشهد عوائد السندات ارتفاعًا، ما يؤدي إلى خسائر في الأسعار للسندات ذات المدد الطويلة.

السلع والطاقة: قد تبقى عرضة للتقلبات، لكن دورها في التضخم العام قد يتراجع إذا بقيت الضغوط الأساسية عالية.

العملات: البنوك المركزية التي ترفض خفض الفائدة قد تدعم عملاتها المحلية، ما يؤثر بدوره على الصادرات والتجارة.

تم نسخ الرابط