خزائن العملات الرقمية في مأزق: كيف كشفت الهبوطات الأخيرة هشاشة الاحتياطات المستقرة لدى الخزائن اللامركزية؟
خزائن العملات الرقمية في مأزق: كيف كشفت الهبوطات الأخيرة هشاشة “الاحتياطات المستقرة” لدى الخزائن اللامركزية؟
في الأسابيع الأخيرة، شهدت أسواق العملات الرقمية هزة عنيفة أطاحت بما يقارب 1.2 تريليون دولار من القيمة السوقية الإجمالية.
لكن خلف هذا الانهيار الكبير ظهرت قضية أكثر عمقاً وقلقاً: تصدّع الخزائن الرقمية اللامركزية (DAOs Treasuries)، والتي كانت تُعد سابقاً من “الملاذات الآمنة” في منظومة الويب 3.
هذه الخزائن فقدت ما يقارب نصف قيمتها خلال فترة قصيرة.
والسبب لم يكن فقط هبوط أسعار العملات الرئيسية، بل أيضاً تراكم لسنوات من الاعتماد المفرط على أصول عالية المخاطر، وضعف أدوات التحوط، وقرارات تشغيلية اتضح لاحقاً أنها كانت مضخّمة للأزمات.
ما هي خزائن DAOs ولماذا هي مهمة؟
تعتمد العديد من مشاريع البلوكتشين على خزائن مركزية أو شبه مركزية تُدار عبر تصويت جماعي.
هذه الخزائن تُستخدم لتمويل:
تطوير البروتوكول
مكافآت المشاركين
تسويق المشروع
إدارة المخاطر
توفير ضمانات أو تأمين للمستخدمين
أي خلل في هذه الخزائن يعني تهديداً مباشراً لاستمرارية المشروع بأكمله، خصوصاً المشاريع التي لا تمتلك مصادر دخل ثابتة.
كيف خسرت هذه الخزائن نصف قيمتها؟
لفهم ذلك، يجب النظر إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
تركّز خطير في الأصول عالية التقلب
الغالبية الساحقة من الخزائن الرقمية كانت مبنية على عملات مثل:
البيتكوين
الإيثريوم
عملات DeFi عالية المخاطر
بدلاً من امتلاك مزيج متوازن من الأصول المستقرة، كانت الكثير من المشاريع تعمل وفق مبدأ “الاحتفاظ بكل شيء”، أملاً في استمرار الصعود.
لكن عندما هبطت هذه العملات بشدة، تراجعت قيمة خزائن المشاريع معها، ما أدى إلى ضربة مزدوجة: ليس فقط أسعار التوكنات انهارت، بل أيضاً الاحتياطات التي تعتمد عليها المشاريع انخفضت بقوة.
خوارزميات إعادة التوازن زادت الخسائر
العديد من الخزائن اللامركزية تستخدم استراتيجيات “إدارة آلية”، من خلال عقود ذكية تنفذ عمليات شراء وبيع وفق قواعد محددة مسبقاً.
هذه الخوارزميات قامت بعمل معاكس تماماً:
اشترت العملات عند ارتفاعها
وباعت عند انهيارها
تماماً كالمستثمر الذي يشتري القمة ويبيع القاع.
ومع الهبوط الأخير، قامت هذه الخوارزميات بعمليات بيع قسرية، مما فاقم الخسائر بدلاً من امتصاصها.
السيولة المنخفضة لأصول الخزائن
الكثير من التوكنات التي تحتفظ بها الخزائن ليست ذات سيولة عالية، وبعضها مرتبط بمشاريع صغيرة أو غير مستقرة.
لذلك، عندما حاولت الخزائن إعادة التوازن أو بيع جزء من ممتلكاتها، وجدت نفسها أمام سوق لا يستطيع استيعاب عمليات البيع بسهولة، ما أدى إلى:
انهيار سريع في أسعار هذه التوكنات
تراجع القيمة السوقية للخزائن نفسها
شكوك حول قدرة المشاريع على الاستمرار
وهنا ظهرت المشكلة الكبرى: الخزائن لم تكن مستعدة لظرف طارئ.