تباطؤ نمو الائتمان الاستهلاكي في الولايات المتحدة: وتيرة الاقتراض تهدأ في أكتوبر
تباطؤ نمو الائتمان الاستهلاكي في الولايات المتحدة: وتيرة الاقتراض تهدأ في أكتوبر
لطالما كان المستهلك الأميركي حجر الزاوية في قوة الاقتصاد الأميركي، مدفوعًا بسوق عمل نشطة وقدرة عالية على الإنفاق. غير أن البيانات الأخيرة حول الائتمان الاستهلاكي تشير إلى تحول تدريجي في هذا المشهد. فقد أظهر شهر أكتوبر تباطؤًا ملحوظًا في وتيرة الاقتراض، ما يعكس حذرًا متزايدًا لدى الأسر في ظل بيئة اقتصادية ومالية أكثر تشددًا.
وفقًا للبيانات، ارتفع الائتمان الاستهلاكي في الولايات المتحدة بمقدار 9.18 مليار دولار في أكتوبر 2025، مقارنة بزيادة بلغت 11.01 مليار دولار في سبتمبر. وعلى الرغم من أن الرقم لا يزال إيجابيًا، فإن التراجع في وتيرة النمو يوحي بأن المستهلكين أصبحوا أقل اندفاعًا نحو الاقتراض، سواء عبر بطاقات الائتمان أو القروض الاستهلاكية الأخرى. وفي اقتصاد يعتمد فيه النمو بدرجة كبيرة على الإنفاق الاستهلاكي، فإن هذا التطور يستحق المتابعة الدقيقة.
لماذا يتباطأ الاقتراض؟
يعود هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، يأتي في مقدمتها تشديد الأوضاع المالية. فبعد سنوات من ارتفاع أسعار الفائدة بين عامي 2023 و2025، أصبحت تكلفة الاقتراض أعلى بكثير مما كانت عليه في العقد السابق. ويشعر المستهلكون اليوم بثقل أسعار الفائدة المرتفعة على بطاقات الائتمان وقروض السيارات والقروض الشخصية، ما يدفع كثيرين إلى إعادة التفكير في قراراتهم المالية.
إلى جانب ذلك، يسود قدر من عدم اليقين الاقتصادي. فعلى الرغم من استمرار قوة سوق العمل نسبيًا، فإن المخاوف المتعلقة بالتضخم، والنمو العالمي، والتقلبات الجيوسياسية تجعل الأسر أكثر تحفظًا. وبدلًا من تمويل الاستهلاك عبر الاقتراض، يتجه عدد متزايد من المستهلكين إلى ضبط الإنفاق أو الاعتماد بشكل أكبر على المدخرات.
كما أن الرسائل الصادرة عن صناع السياسات النقدية لعبت دورًا مهمًا. فالتأكيد المستمر على إبقاء السياسة النقدية مشددة لفترة أطول ساهم في ترسيخ قناعة بأن عصر المال الرخيص قد انتهى، على الأقل في المدى المنظور. وهذه القناعة تنعكس مباشرة على سلوك الاقتراض.
هل يمثل ذلك إشارة إنذار؟
تباطؤ نمو الائتمان الاستهلاكي لا يعني بالضرورة دخول الاقتصاد في مرحلة ضعف حاد، لكنه قد يكون إشارة مبكرة على اعتدال الطلب. فالإنفاق الاستهلاكي يمثل محركًا رئيسيًا للناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وأي تباطؤ مستدام في الاقتراض قد ينعكس على مبيعات التجزئة، وقطاع الخدمات، وأرباح الشركات.