الإنتاج الصناعي الأوروبي يُظهر قوة معتدلة ويتحدى سردية التباطؤ

ومضة الاقتصادي

الإنتاج الصناعي الأوروبي يُظهر قوة معتدلة ويتحدى سردية التباطؤ

طوال معظم العام الماضي، هيمنت نبرة الحذر على الحديث حول الاقتصاد الأوروبي. فقد تصدرت عناوين الأخبار مؤشرات النمو الضعيف، والتوترات التجارية، والمخاوف من تراجع التصنيع، مما عزز سردية مفادها أن المحرك الصناعي في القارة يفقد زخمه. إلا أن البيانات الأخيرة تشير إلى صورة أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد. إذ تُظهر أرقام الإنتاج الصناعي لشهر أكتوبر في منطقة اليورو قدرًا من الصمود محدودًا وغير متوازن، لكنه كافٍ لتحدي سردية التباطؤ السائدة.

ارتفع الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 0.8% على أساس شهري في أكتوبر، متجاوزًا التوقعات، ومُحسِّنًا أداءه مقارنة بزيادة بلغت 0.2% في سبتمبر. وعلى أساس سنوي، ارتفع الإنتاج بنسبة 2.0%، مدفوعًا بمكاسب ملحوظة في المصانع الألمانية، باعتبار ألمانيا القلب الصناعي لأوروبا. ورغم أن هذه الأرقام لا تشير إلى انتعاش صناعي قوي، فإنها تدل على أن القطاع الصناعي الأوروبي ليس في حالة انكماش شامل، وربما بدأ في استعادة بعض توازنه في ظل بيئة عالمية صعبة.

ما العوامل الدافعة لهذا الصمود؟

تبدو عدة عوامل وكأنها تدعم هذا التحسن الأخير. أولًا، أظهر الطلب الاستهلاكي المحلي مرونة أكبر من المتوقع، مما ساعد في تعويض ضعف أداء الصادرات. فعلى الرغم من حذر الأسر الأوروبية، استمر الإنفاق مدعومًا بأسواق عمل ضيقة نسبيًا في عدد من الاقتصادات الكبرى. ولا تزال مستويات التوظيف قوية إلى حد كبير، كما ساهم نمو الأجور في تثبيت القوة الشرائية بعد صدمات التضخم في السنوات الأخيرة.

ثانيًا، أظهرت الشركات قدرة لافتة على التكيف في ظل حالة عدم اليقين التجاري المستمرة. فبعد فترات من الاضطراب، بدأت سلاسل التوريد في التكيف تدريجيًا. وقد لجأت الشركات إلى تنويع مصادرها، وتوطين جزء من إنتاجها، والاستثمار في تحسين الكفاءة. ورغم أن هذه التغييرات ليست جذرية أو فورية، فإنها توفر دعمًا تدريجيًا للإنتاج الصناعي.

وتبرز ألمانيا هنا كعامل حاسم. فبصفتها أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ومحورًا رئيسيًا للتصنيع، غالبًا ما يكون لتحسن أداء المصانع الألمانية آثار إيجابية تمتد إلى الدول المجاورة. وتشير بيانات أكتوبر إلى أن أجزاء من القاعدة الصناعية الألمانية تستجيب بشكل إيجابي للطلب المحلي والاستثمارات المستهدفة، رغم استمرار ضعف الطلب العالمي.

تعافٍ بحدود واضحة

على الرغم من هذه الإشارات المشجعة، سيكون من السابق لأوانه الحديث عن تحول كامل في المسار. إذ لا يزال النمو محدودًا وغير متساوٍ بين الدول، ما يعكس اختلاف الهياكل الاقتصادية داخل منطقة اليورو. فبينما تعتمد بعض اقتصادات الجنوب بشكل أكبر على قطاع الخدمات، تبقى مراكز التصنيع الموجهة للتصدير أكثر عرضة لدورات الطلب العالمي. ونتيجة لذلك، يمكن أن تتعايش القوة الصناعية في منطقة ما مع الضعف في منطقة أخرى.

تم نسخ الرابط