قواعد إدارة المخاطر: كم يجب أن تخاطر في كل صفقة؟

ومضة الاقتصادي

قواعد إدارة المخاطر: كم يجب أن تخاطر في كل صفقة؟

المقدمة

يُعدّ أحد أكثر الجوانب إهمالًا في التداول، ومع ذلك هو من أهمّها، إدارة المخاطر وتحديدًا فهم كم يجب أن تخاطر في كل صفقة. يدخل الكثير من المتداولين الجدد الأسواق وهم يركّزون فقط على إيجاد إستراتيجيات رابحة أو توقّع تحركات الأسعار، لكن حتى أدقّ إستراتيجية يمكن أن تفشل إذا لم تُدار المخاطر بطريقة صحيحة.

الحقيقة بسيطة: النجاح في التداول لا يتعلق بكونك على حق دائمًا، بل بقدرتك على إدارة الخسائر بفعالية. فإدارة المخاطر هي ما يميّز المتداول المحترف عن الهاوي، وهي التي تضمن ألّا تؤدي سلسلة من الصفقات الخاسرة إلى تدمير حسابك، وأن تبقى في السوق مدة كافية لتستفيد من ميزتك مع مرور الوقت.

سيساعدك هذا المقال على فهم كيفية تحديد مقدار المخاطرة في كل صفقة، وكيفية تطبيق هذه القواعد عمليًا، وكيفية تجنّب الأخطاء الشائعة. وبنهايته ستكون لديك منهجية عملية لحماية رأس مالك والتداول بثقة.

شرح المفهوم: ماذا يعني "المخاطرة في كل صفقة"؟

تشير المخاطرة في كل صفقة إلى النسبة المئوية من إجمالي رأس مالك التي تكون مستعدًا لخسارتها في صفقة واحدة إذا تحركت ضدك.

على سبيل المثال، إذا كان لديك حساب تداول بقيمة 10,000 دولار وقررت أن تخاطر بـ 2% في كل صفقة، فهذا يعني أنك مستعد لخسارة 200 دولار في حال تم تفعيل أمر وقف الخسارة.

هذه المخاطرة لا تمثل حجم الصفقة أو تكلفة الدخول، بل هي الخسارة المحتملة إذا فشلت الصفقة.

لماذا هذا مهم

حماية رأس المال: التداول لعبة احتمالات، حتى أفضل المتداولين يخسرون أحيانًا. إدارة المخاطر تضمن بقاءك في اللعبة رغم الخسائر المؤقتة.

التحكم العاطفي: عندما تعرف الحد الأقصى لما يمكنك خسارته، يقل التوتر وتزداد قدرتك على اتخاذ قرارات منطقية.

الاستمرارية: إدارة المخاطر تخلق نظامًا منضبطًا يمكن تكراره وقياسه وتحسينه مع الوقت.

من دون قواعد واضحة للمخاطر، يقع المتداولون في فخّ الانفعالات فيضاعفون حجم الصفقات بعد الخسارة، أو يستخدمون رافعة مالية مفرطة، أو يفتحون مراكز أكبر من اللازم. وهذه التصرفات غالبًا ما تنتهي بخسائر فادحة.

التطبيق العملي: كيف تطبّق قاعدة المخاطرة في كل صفقة؟

لتطبيق إدارة المخاطر بفعالية، اتبع الخطوات التالية:

1. حدد نسبة المخاطرة

أغلب المتداولين المحترفين يخاطرون بنسبة من 1% إلى 2% في كل صفقة.
فيما يلي مرجع سريع:

نوع المتداولالنسبة الموصى بها للمخاطرة في الصفقةالأنسب لـ
متداول محافظ0.5% – 1%للمتداولين على المدى الطويل أو أصحاب الحسابات الكبيرة
متداول معتدل1% – 2%للمتداولين اليوميين ومتوسطي الأجل
متداول مغامر2% – 3% كحد أقصىللمتداولين ذوي الخبرة العالية والانضباط القوي

2. احسب المبلغ المالي المعرض للخطر

استخدم المعادلة التالية:

المخاطرة بالدولار = رصيد الحساب × نسبة المخاطرة

مثال:
إذا كان حسابك يحتوي على 5,000 دولار واخترت أن تخاطر بنسبة 2%:
5,000 × 0.02 = 100 دولار كحد أقصى للمخاطرة في الصفقة.

3. حدد حجم الصفقة بناءً على وقف الخسارة

بعد معرفة المبلغ الذي ستخاطر به، استخدم مسافة وقف الخسارة لتحديد حجم الصفقة.

حجم الصفقة = المبلغ المعرض للخطر ÷ (سعر الدخول – سعر وقف الخسارة)

مثال:

رصيد الحساب: 10,000 دولار

نسبة المخاطرة: 1% = 100 دولار

سعر الشراء: 50 دولار

وقف الخسارة: 48 دولار

المخاطرة لكل سهم: 2 دولار

حجم الصفقة = 100 ÷ 2 = 50 سهم

أي أنك ستشتري 50 سهمًا فقط، بحيث إذا انخفض السعر إلى 48 دولارًا، تخسر 100 دولار فقط (1% من الحساب).

4. التكيّف مع أنواع الأسواق المختلفة

الفوركس: استخدم قيمة النقطة (Pip Value) لحساب حجم العقد.

العقود الآجلة: احسب قيمة النقطة أو العقد وفق المواصفات.

الخيارات (Options): احسب العلاوة المدفوعة ضمن إجمالي المخاطرة.

5. حدّث الحساب باستمرار

يجب أن يتغيّر مقدار المخاطرة بالدولار مع تغيّر حجم حسابك.
إذا ارتفع الحساب، تزداد قيمة المخاطرة. وإذا انخفض، تقل تلقائيًا، مما يحمي رأس المال.

أمثلة ودراسة حالة

حالة: متداولان يتبعان قواعد مختلفة

المتداولحجم الحسابالمخاطرة في كل صفقةعدد الصفقات الخاسرة (5)إجمالي الخسارة
المتداول (أ)10,000 دولار5% (500 دولار)5 × 500 = 2,500 دولارخسارة 25% من الحساب
المتداول (ب)10,000 دولار1% (100 دولار)5 × 100 = 500 دولارخسارة 5% فقط

الآن، لنفترض أن كلا المتداولين ربِحا في 5 صفقات تالية بنسبة عائد إلى مخاطرة 2:1 (أي يربح ضعف ما يخاطر به).

المتداول (أ): يربح 2,500 دولار ⇒ صافي +2,500

المتداول (ب): يربح 500 دولار ⇒ صافي +500

لكن لو استمرت سلسلة الخسائر إلى 10 صفقات:

المتداول (أ) يخسر 50% من رأس ماله، ويحتاج إلى 100% ربح فقط للعودة للتعادل.

المتداول (ب) يخسر 10% فقط، ويمكنه التعويض بسهولة.

الدرس: المخاطرة الصغيرة والثابتة هي التي تضمن بقاءك في السوق حتى تظهر نتائج استراتيجيتك.

الأخطاء الشائعة وكيفية تجنبها

1. المخاطرة الزائدة

يخاطر العديد من المبتدئين بـ 5% أو 10% أو أكثر في الصفقة الواحدة طمعًا في أرباح سريعة، لكنها تؤدي غالبًا إلى خسائر فادحة.

تجنّب ذلك: التزم بنسبة 1–2% كحد أقصى. خفّض النسبة في الأسواق عالية التقلب أو أثناء التعلم.

2. تجاهل أوامر وقف الخسارة

عدم استخدام أوامر وقف الخسارة أو تحريكها بعد الدخول من أكثر الأخطاء خطورة.

تجنّب ذلك: ضع أمر وقف الخسارة قبل دخول الصفقة، بناءً على التحليل الفني وليس على المشاعر.

3. استخدام حجم ثابت للصفقات

التداول بنفس عدد العقود أو الأسهم في كل صفقة يؤدي إلى تفاوت في مستوى المخاطرة.

تجنّب ذلك: احسب حجم الصفقة لكل صفقة على حدة بناءً على المسافة إلى وقف الخسارة.

4. الإفراط في استخدام الرافعة المالية

الرافعة المالية تضاعف الأرباح والخسائر معًا، وغالبًا ما تكون السبب في تصفية الحسابات الصغيرة بسرعة.

تجنّب ذلك: تأكد دائمًا أن مخاطرتك الفعلية لا تتجاوز 1–2% حتى بعد تطبيق الرافعة المالية.

5. تجاهل الترابط بين الصفقات

فتح صفقات متعددة في نفس القطاع أو أزواج مترابطة قد يضاعف المخاطرة دون أن تدرك ذلك.

تجنّب ذلك: راقب إجمالي المخاطرة في المحفظة وليس في الصفقة الواحدة فقط، وقلل التعرض للأصول المتشابهة.

أفضل الممارسات والنصائح لإدارة المخاطر بفعالية

1. استخدم قاعدة "2%" كدليل

لا تخاطر بأكثر من 2% من رأس المال في الصفقة الواحدة. المتداولون المحافظون يفضلون 1% أو أقل.

2. ركّز على نسبة العائد إلى المخاطرة

استهدف دائمًا نسبة 1:2 على الأقل (أي ربح ضعف الخسارة المحتملة).
حتى لو كانت نسبة نجاحك 50% فقط، فستكون رابحًا على المدى الطويل.

نسبة النجاحالعائد إلى المخاطرةالنتيجة
50%1:2مربح
40%1:3مربح
60%1:1متعادل أو ربح بسيط

3. احتفظ بسجل لإدارة المخاطر

دوّن كل صفقة تشمل:

نقطة الدخول والخروج

وقف الخسارة وجني الأرباح

النسبة المئوية للمخاطرة والسبب

راجع السجل بانتظام لاكتشاف أنماط قراراتك وتحسينها.

4. خفّض المخاطرة بعد سلسلة خسائر

إذا واجهت عدّة صفقات خاسرة متتالية، قلّل المخاطرة مؤقتًا إلى النصف لحماية رأس المال وتهدئة النفس.

5. نوّع المخاطر

لا تضع كل رأس مالك في صفقة أو أصل واحد. وزّع المخاطر على صفقات غير مترابطة.

6. فكّر بالاحتمالات وليس باليقين

نتائج التداول غير مضمونة، لذا تقبّل الخسارة كجزء من العملية. ركّز على الاستمرارية والانضباط أكثر من البحث عن الكمال.

7. استخدم الأدوات التكنولوجية

استعن بآلات حاسبة لحجم الصفقة أو أدوات مدمجة في المنصات لحساب المخاطر بدقة.

الخاتمة

إدارة المخاطر هي العمود الفقري للنجاح المستدام في التداول. قد تبدو أقل إثارة من البحث عن الصفقات الرابحة، لكنها العامل الحقيقي الذي يحافظ على أرباحك ويمنع انهيارك.

عندما تحدد كم ستخاطر في كل صفقة، فإنك تتحكم في الشيء الوحيد الذي يمكنك التحكم به حقًا الخسارة. ومع تطبيق قاعدة 1–2%، وحساب حجم الصفقة بدقة، واستخدام أوامر وقف الخسارة بانضباط، يمكنك تحويل عدم اليقين في السوق إلى نظام تداول احترافي متوازن.

تذكّر دائمًا: وظيفتك الأولى كمتداول هي حماية رأس مالك. الأرباح ستأتي لاحقًا عندما تظل في اللعبة وتمنح استراتيجيتك الوقت لتؤتي ثمارها.

كن صبورًا، منضبطًا، واعتبر إدارة المخاطر ليست قيدًا بل أعظم ميزة لديك في طريق النجاح بالتداول.

تم نسخ الرابط